أطفال حسب الطلب في السوبر ماركت الوراثي

مخاوف من إساءة استخدام التكنولوجيا لإنجاب “أطفال مفصلين حسب الطلب

أطفال حسب الطلب في السوبر الماركت الوراثي | كايد أبو الطيف

ماذا يمكن أن يفعله التحرير الجيني للجنس البشري، باستخدام المقصات الجينية والتحوير والهندسة الوراثية في ظل استمرار جائحة كورونا التي تسببت بوفاة 2,671,720 شخصا في العالم منذ أبلغ مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين عن ظهور المرض نهاية كانون الأول/ديسمبر 2019.

فيما بدأت شركة موديرنا الأميركية تجارب لقاح ضد كوفيد-19 على آلاف الأطفال من الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر و11 عاما، وتخطط شركة التكنولوجيا الحيوية كذلك لاستقطاب 6750 طفلا ورضيعا للمشاركة في تجاربها السريرية في الولايات المتحدة وكندا، لكن مع كل ذلك ما عسى تقنية تحرير الحمض النووي الجديدة – CRISPR – احداثه؟ وهل هناك إمكانية هزيمة الفيروسات القاتلة وعلاج الأمراض الوراثية؟ تزامنا مع اثارتها أسئلة أخلاقية كبيرة.

وتثير هذه القدرة الجديدة على تعديل جيناتنا أسئلة مقلقة، اذ هل يتعين علينا تغيير أنفسنا كبشر لنجعل أنفسنا أقل عرضة للفيروسات القاتلة؟ يبدو هذا خيارا رائعا، خاصة في خضم كورونا، لكن ماذا عن محاولة التخلص من الصمم أو العمى؟ أو قصر القامة؟ الاكتئاب؟

السوبر ماركت الوراثي

وإذا كانت هذه الأدوية ممكنة وآمنة، فلماذا لا نذهب أبعد من ذلك، وتسمح للآباء بتحسين أطفالهم ومنحهم معدل ذكاء أعلى، وعضلات أقوى، وطول أكبر أو ولون مفضل للجلد والشعر؟

من المفترض أن يجعلنا هذا المنزلق الأخلاقي ان نفكر في كل من الفوائد الرائعة والأسئلة الأخلاقية التي تثيرها هذه التكنولوجيا الجديدة. ما الذي يمكن أن تفعله CRISPR للتنوع البشري؟ هل سيضعف ذلك قدرتنا على أن نكون متعاطفين؟ إذا لم يتم تقديم التحسينات المذهلة المقدمة في السوبر ماركت الوراثي مجانا، فهل ستؤدي إلى زيادة عدم المساواة بشكل كبير وحتى ترميزها بشكل دائم في الجنس البشري؟

التحدي الأكبر حول ما إذا كانت هناك طرق آمنة في غضون بضعة عقود لتعديل الجينات التي تسبب الميل إلى الفصام والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب؟ إزالة هذه الاضطرابات النفسية ستمنع البشرية من المعاناة الهائلة، لكنها قد تؤدي إلى وجود عدد أقل من العباقرة مثل فنسنت فان جوخ وإرنست همنغواي، الذين تم تشكيل فنهم إلى حد كبير من خلال التعامل مع هذه الاضطرابات.

هل ستعالجون أطفالكم من مرض انفصام الشخصية إذا كنتم تعلمون أن المرض سيجعله فنانا رائدا؟ هل يجب أن يكون هذا قرار أحد الوالدين؟ الحكومة؟ معظمنا لا يريد أن تمنعنه الحكومة من حماية أطفاله من مثل هذه الأمراض، حتى على حساب جعل ثقافتنا غنية بصورة أقل، لذلك من المستحسن لنا جميعا أن نرسم حدود هذه الاخلاقيات والى مدى يمكننا التمادي في ارجائها، اخلاقيات مليئة بالغموض ولكنها مليئة بالأمل أيضا، وحذر العديد من العلماء من أن تكنولوجيا لتعديل الجينات يستكشفها العلماء في أنحاء العالم كوسيلة لإزالة واستبدال التشوهات الجينية قد تتسبب دون قصد في زيادة خطر الإصابة بالسرطان في الخلايا.

المقصات الجينية

من جانبها قامت السلطات الصينية في العام 2019 بالحكم على الباحث الصيني هه جيانكوي بالسجن ثلاث سنوات مع إعلانه تعديل جينات طفلتين توأمين قبل ولادتهما. وكان جيانكوي قد أعلن في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 أنه توصل إلى ولادة طفلتين توأمين مع تعديل جيناتهما لجعلهما قادرتين على مقاومة فيروس الإيدز الذي يحمله والدهما. غير أن الحكومة الصينية التي اتهمت يومها بالتساهل، أمرت بتعليق أبحاث العالم وفتح تحقيق في القضية. وكانت الحادثة قد أثارت موجة استنكار عالمية العام الماضي.

وقضت محكمة في شينجين في جنوب البلاد حيث أجرى العالم أعماله بسجنه بعد إدانته بتهمة “التلاعب جينيا بطريقة غير قانونية بأجنة بهدف الإنجاب” حسب ما أوضحت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية. كذلك حكم على الباحث بدفع غرامة قدرها 3 ملايين يوان (430 ألف دولار). وأضافت الوكالة أن ثلاثة أطفال معدلين جينيا ولدوا جراء هذه الأبحاث. وأكدت السلطات الصينية في كانون الثاني/يناير 2019 أن امرأة ثانية كانت حاملا بطفل عدلت جيناته إضافة إلى الطفلتين التوأمين. لكن لم يتم تأكيد ولادة الطفل الثالث.

لدى انطلاق القضية العام الماضي، جرى اتهام الصين بالتساهل لأنها أتاحت إجراء بحوث من دون أي رقابة. ولم يكن في البلاد حينها أي قانون في هذا المجال باستثناء تشريع مقتضب من وزارة الصحة يعود إلى 2003 يمنع التلاعب الجيني بالأجنة لكنه لا ينص على أي عقوبة للمخالفين.

وقد أدين الباحث الصيني هه جيانكوي بتهمة “ممارسة الطب بصورة غير قانونية”، وكان هه جيانكوي الذي تلقى تعليمه في جامعة ستانفورد الأميركية قد أوضح أنه استخدم الأداة الثورية “كريسبر – كا/ 9” المسماة “المقصات الجينية” والتي تتيح سحب الأجزاء غير المرغوب بها من المجين وتعديلها بما يشبه تصحيح خطأ مطبعي على جهاز الكمبيوتر، بحسب وكالة الانباء الفرنسية.

ومنحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم للفرنسية إيمانويل شاربانتييه والأميركية جنيفر داودنا، وهما عالمتا وراثة طورتا “مقصات جزيئية” قادرة على تعديل الجينات البشرية، وهو إنجاز يعتبر ثوريا في مجال الكيمياء، وأوضحت لجنة التحكيم خلال الإعلان عن اسمي الفائزتين في ستوكهولم أن الجائزة أعطيت لهما لنجاحهما في “تطوير وسيلة لتعديل الجينات” بواسطة “أداة لإعادة صوغ قانون الحياة”.

وقالت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في بيان بشأن منح الجائزة وقيمتها عشرة ملايين كرونة سويدية (1.1 مليون دولار) “اكتشفت إيمانويل شاربنتييه وجنيفر إيه. دودنا واحدة من أكثر أدوات تكنولوجيا الجينات دقة: المقص الجيني CRISPR”، وأضاف البيان “كان لهذه التكنولوجيا تأثير ثوري على علوم الحياة، وتساهم في علاجات جديدة للسرطان وقد تحقق حلم علاج الأمراض الوراثية”.

نُشر بواسطة HUNA ALJANOUB

هنا إنتاج - كايد أبو الطيف: دراسات ثقافية وتقاطعاتها المعاصرة مع كورونا بصحبة السياسة والاقتصاد

أضف تعليق